أسباب الاخفاق العلمي في الجامعة وآليات الحد منها

تأطير الندوة: الاستاذ الدكتور #نورالدينزمام إدارة الندوة: الدكتور #سعيدةدرويش

تمهيد:
بالرغم من أن الإخفاق في مجال التعليم كان معروفا بشدة أثناء مراحل التعليم ما قبل الجامعي، حيث بعد أصبح ظاهرة مثيرة للاهتمام منذ سنوات 1960؛ غير أنّ التطورات اللاحقة أدت إلى مناقشة مسألة الإخفاق في الجامعة.

وفي هذا الصدد نشرت يومية الأصداء الفرنسية (Les Echos) في 18 جويلية 2018 مقالا تُظهر فيه أنّ حوالي 40٪ فقط من الطلاب يحصلون على شهادة الليسانس، بمعنى أن 60٪ يغادرون الكلية دون شهادة.
وقد أرجع المختصون ذلك إلى سوء التوجيه، فالتلميذ ينوي الالتحاق بمعهد الرياضة في الجامعة يجد نفسه يدرس في السنة الأولى فيزيونوميا أو الرياضيات.
فضلا عن تشديد البعض الآخر على غياب المكتسبات القبلية (Pré-requis)، ولذلك طالب هؤلاء من الفريق البيداغوجي بضرورية تحديد ما يتطلبه كل تكوين من شروط مثل النقطة في البكالوريا، الملف المدرسي من أجل تمكين الطالب من معرفة المستوى المتوقع في كل شهادة ليسانس، من أجل تجنب مغبة الانقطاع (Décrochage)
وقد حصرنا مبدئا مظاهر النقص التي ينجم عنها الإخفاق في عدة جوانب:
1- ضعف القدرات التعبيريةFaculté d’expression، وعدم التمكن اللغوي أو عدم الكفاءة اللغوية، بما في ذلك ما يخص اللغات الأجنبية، وهو جانب هام يعكس ينعكس على مهارات التفكير، كما لا يساعد في حالة الضعف على الاستفادة من المعارف العلمية والأدبية المتاحة اليوم.
2- ضعف ملكة التحليل والاستدلال Faculté de raisonnement، وهذا راجع إلى نمط التكوين الذي لا يشجع على تنمية التفكير عموما، والتفكير الإبداعي بوجه خاص؛
3- فضلا عن وجود نقص معرفي، بسبب ضعف أو غياب بعض المكتسبات المعرفية، فالنقص المقصود هنا ينجم من عدم اكتمال تكوين الطالب، أو عدم تبور ملمحه العلمي وفق متطلبات التعلم والتعليم في التخصص الذي وجه إليه.


يشير مفهوم الإخفاق أو الرسوب إلى الفشل في الدراسة الذي قد يؤدي إلى مغادرتها؛ ومن المفاهيم التي تستعمل للدلالة على ذلك مفهوم الانقطاع عن الدراسة Décrochement . يجدر التسجيل مفهوم الرسوب يستخدم بشكل أساسي في المرحلتين الابتدائية والثانوية ؛ ولكن في العقود الأخيرة شرع البعض في استخدامه في مرحلة التعليم العالي.
ويفضل البعض استخدام مصطلح صعوبات التعلم التي تفضي في نهاية الأمر إلى ترك الدراسة.
ويرى البعض أن هذه الصعوبات التي تؤدي الى الإخفاق هي نتيجة التقاء الهشاشة مع البيداغوجيا.
يجدر التسجيل أن الإخفاق قد يبدأ بانقطاع مؤقت، حيث يعيش الطالب أو التلميذ حالة الانقطاع وهو لا يزال يزاول الحضور داخل الجامعة، ويطلق على هؤلاء “المنقطعون من الداخل” Décrocheurs de l’intérieur. وقد يصفهم البعض بأنهم “المستبعدون من الداخل Les exclus de l’intérieur.

عند عرض البحث البحوث التي أجريت في الإخفاق بين الباحث بان بعض الدراسات تحصر السبب في البيداغوجيا، وتؤكد على حاجة الأساتذة الى التكوين البيداغوجي
ويوضح بعض الباحثين في دراسة عن كلية الطب في نواكشوط على عدم ملاءمة البيداغوجيا.
ورج البعض سبب الإخفاق الى عدم التكيف مع متطلبات التعليم الجامعي.

وفي دراسة تطبيقية لجامعة بسكرة وصلت للنتائج أن “مادة” الرياضيات تعتبر في أعلى “سلم الصعوبات” التي يواجهها الطلبة خاصة في كلية العلوم الدقيقة والعلوم الطبيعية وكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، وكلية العلوم التكنولوجية.
ومن جهة أخرى إعتبرت النتائج أن التمكن في اللغة الأجنبية أساسي لنجاح الطلبة وتحصليهم الجدي في بعض التخصصات مثل الهندسة المعمارية والبيولوجيا والاعلام الآلي.

واعتبرت بعض التخصصات مثل الفرنسية والانجليزية الخلفية التكوينية في مجال التعبير الشفهي والكتابي وتحليل النصوص ضروري.
كما حازت مادة اللسانيات على الكثير من التنويه لدى اساتذة اللغة العربية واللغات الأجنبية، باعتبارها من المواد التي يصعب على الطالب تعلّمها..
وجدنا أيضا تأكيد على ملَكة الحفظ، وهي الملكة التي لا تُؤخذ بعين الاعتبار، بل قد يعتبرها البعض نقيصة، بالرغم من أن الإنسان يفكر داخل الكلمات كما يقول هيجل.
أما فيما يخص آليات مواجهة الإخفاق فقد أكدنا على ضرورة تبني تكوينات مكمِّلة بهدف إتقان اللغة، وتطوير بعض المهارات، والتحكم في تقنيات تحرير البحوث، والإعلام الآلي وبعض دروس الرياضيات حسب التخصص، وذلك بغرض سد الثغرات موازاة مع انخراط الطلبة في الدراسة الجامعية.
كما على الجانب الذاتي والعلائقي من أجل تمتين علاقة لطالب بالجامعة.

كما أكد على تزويد طالب الثانوية العامة برؤية واقعية عن الحياة الجامعية، وفحص وتقييم مدى التحقق من المكتسبات الأساسية الضرورية لخوض غمار الدراسة الجامعية فضلا عن تشجيع ديناميكية العمل الشخصي.